• 2019-04-01

اخترت لكم

نختار لكم حديثا من أحاديث المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) ، والتي جمعها الشيخ عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني، في كتابه روائع من أقوال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) دراسات لغوية وفكرية وأدبية .
والكتاب رائع في الموضوع والعرض والشرح والتبسيط والتوجيه والإرشاد .
وقد أبدع الكاتب في الإختيار وبيان ماتضمنته الأحاديث من لغة وأدب وفكر وهدي .
وقد اختار الكاتب خمسة وعشرين حديثا، وبسط في شرحها فيما يربو على خمس مائة وسبعين صفحة .
ولعلنا نختار الحديث السادس عشر مع بعض الشرح لغة وأدبا وفكرا وهديا ما أمكن، وإلا فالرجوع إلى الكتاب أعم وأشمل .

الحديث
عن أبي هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم،إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه .
رواه الإمام مسلم، عن مشكاة المصابيح رقم الحديث 204

ترجمة راوي الحديث
كنيته التي اشتهر بها (أبو هريرة) وقد كناه بها والده وهو صغير، وكان يناديه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. لما بايع الرسول صلى الله عليه وسلم (في خيبر) قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :من أنت؟
قال:عبدشمس بن صخر الدوسي أبوهريرة، فقال له :أنت ابوهريرة عبدالرحمن بن صخر الدوسي. فقال أبوهريرة : نعم ،أنا عبدالرحمن بن صخر.
صحب أبوهريرة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أكثر الصحابة ملازمة له. أجمع أهل الحديث على أنه أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظهم.
وقد أورد الكاتب كثيرا من القصص والمآثر نكتفي بما ذكرناه .

ونتناول القضية الأولى في الحديث، وهي مساعدة المؤمن لأخيه المؤمن بتفيس كربته إذا وجده في كربة.
ولكل كربة من كرب الحياة الدنيا تنفيس بحسبها.
فالكربة التي سببها الفقر يكون تنفيسها ببذل المال، أو بتيسير السبل إلى تحصيل ما يحتاج إليه المكروب من مال.
والكربة التي سببها الخوف من ظالم على النفس أو الأهل أو المال، يكون تنفيسها بالمساعدة على تحقيق أسباب الأمن .
وهكذا إلى سائر الكرب.
أما الجزاء الرباني على تنفيس كربة مسلم ابتغاء مرضاة الله، فيتألف من نوعين :
النوع الأول :المكافأة بتنفيس من جنسه
وأعظم صور هذه المكافأة يكون يوم القيامة، يوم يقوم الناس من الأجداث لموقف الحساب،إذ تشتد يومئذ الكربات، وتضيق لهول موقف الحساب الطويل الصدور، ويتمنى الإنسان يومئذ أن يجد لكربه التي تحيط به تنفيسا، فلايجد إلا ما قدم من أعمال صالحات، ومنها أنه كان قد نفس في الحياة الدنيا كربة أو كربات عن إخوانه المؤمنين.
النوع الثاني :المكافأة عليه بنعيم من نعيم الجنة
وقد دل على هذه القضية الأولى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث :
(من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة )
وجاء في حديث عند البخاري وأبي داود والترمذي والنسائي من رواية عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال:(ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كربات القيامة ) .
القضية الثانيه :هي قضية تيسير المسلم على أخيه المسلم المعسر
والتيسير على المعسر يكون بوجوه متعددة : منها التيسير على المدين المعسر، بإنظاره إلى وقت يساره،وبتجزأة الأقساط عليه، حتى يؤدي ما عليه براحة.